البحث في هذه المدونة

الخميس، 20 نوفمبر 2014

المتتالية المنتهية !

د.محمد الزعوري
من عالم السياسة ( فن الممكن ) إلى عالم الرياضيات ( فن المنطق ) علم السبب والنتيجة ، فالسياسة بدون ( منطق ) يمكن وصفها بالفوضى الهدامة ، فمن غير الممكن أن نتخيل تطوّر المجتمع دون علم الرياضيات. فهو موجودة في كل مكان حولنا غالباً بشكلٍ غير مرئي في عالمنا المحيط ، فخلف تخطيط المدن وفن العمارة والآلات والأجهزة والثورات ، توجد دائماً حسابات وأرقام .. ويمكن القول بان أي فعل إنساني على الأرض قائم على نسق متتالي من الأحداث ، أي متتالية حسابية محددة بمجموعة الأغراض أو الأحداث أو الحروف المرتبة بنمط خطي له معنى بحيث أن ظهور الحرف أو الحدث بعد الآخر له دلالة ولم يأتي عبثاً ، وظهور الحدث قد يكون وفق دالةٍ محددة حيث يكون ترتيب أعضاء المتتالية محدداً تماماً ومميزاً ، هذه الأعضاء تسمى عناصر المتتالية أو حدودها... وحياتنا الخاصة تسير وفق متتالية نحدد عناصرها وحدودها نحن ، ونجاحنا وإخفاقاتنا مرهون بنمط الحدود الفاصلة لتتابع الأحداث التي خططنا لها سلفا ، بحيث يصبح لكل حدث معنى لأنه يؤسس لحدث أخر ، لأننا كنا نعلم إن ما حدث لم يكن قد حدث عبثا ، وحتمية العلم تقول إن ما حدث حدث ولم يكن ليحدث شيء آخر مادامت العوامل والأسباب هي نفسها التي أنتجت الحدث الأول ، ولعل حالنا في الجنوب في هذا الزمن الحاسم والدقيق في تاريخ ثورته الثانية يقف عند حدود هذه الحتمية لأن الأسباب والظروف هي نفسها التي أنتجت ما نحن فيه .. وما زالت حساباتنا قائمة   على متتالية حسابية منتهية ليوم الحسم لا تستند لأية مقومات نبني عليها ما نقرر  ( عداد ساحة العروض س -1 ) مثالا .. الفخ الذي ينصب لنا دائما فنقع فيه مرارا وتكرارا ( سبعه سبعه آخر يوم ) و ( الهبة الحبريشية ) التي ركبنا موجتها فتلاشت وأغرقتنا ، واليوم يتملكني الخوف من مجهول يقف  عند الحدود الفاصلة للعد العكسي  ، وحينما تتجلى الحقيقة الصادمة  سنغرق من جديد في مستنقع جلد الذات والتخوين والتشكيك لبعضنا البعض ، فنتنازع فنفشل فتذهب ريحنا ، فنمنح أعدائنا ممرات آمنة لاختراقنا ، لتبقى الأسئلة الحائرة مضغة يلوكها العاجزون منا دون أن ننجح في الإجابة عنها .
فمنذ قراءة بيان مليونية الرابع عشر من أكتوبر الماضي بدأت لحظة العد التنازلي وذلك حين حدد البيان – مجهول المصدر – يوم الثلاثين من نوفمبر لحظة الصفر ، هذا الصفر المطلق الذي أطلق العنان لكل التأويلات والمشاريع المتصادمة ، وحشر الكل في عربات قطار منفصلة ، مقطورة ببعضها البعض ، تجري فوق سكة حدها س-1 منذ لحظة الانطلاق ، أي وفق متتالية منتهية ،  و لا أحد يقود هذا القطار المندفع والسريع . 
هذا الواقع الذي تتعدد وتتشابك فيه خيوط اللعبة فرض معادلة جديدة في علم الاحتمالات وهو الحدث المستحيل القريب من الصفر كاستحالة ظهور الرقم سبعة عند إلقاء حجر النرد ، علاوة على أننا لا نعرف هوية من سيلقي بالنرد أصلا ؟
إذا دعونا نتقبل الأمر بشجاعة ونوحد كلمتنا ونتحدث إلى بعضنا وشعبنا بشفافية ونناقش أمورنا قبل أن تخرج من أيدينا ، ونقول بكل صدق أن الموقف يشكل تحد حقيقي للثورة الجنوبية برمتها ونقطة تحول قد تخرج الأحداث عن السيطرة  تماما ، ففي ساحتنا أكثر من حصان طروادة يتربص بنا شرا .. وحتما ستكون النهاية غير سعيدة  إذا لم نكن عند مستوى التحدي الذي وضعنا أنفسنا فيه . وعليه فان الخطوة الأهم هو الاتفاق على  قيادة سياسية تتحمل مسؤولية قيادة المرحلة لتمثل الجنوب في الداخل والخارج ، وتعمل على رأب الصدع وتوحيد الكلمة والسير قدما مع هذا الشعب العظيم لاستعادة دولتنا المحتلة  . وحتى ذلك الحين فليتوقف العداد عن الدوران حتى حين .

ليست هناك تعليقات: