البحث في هذه المدونة

الأحد، 23 نوفمبر 2014

"نص " كلمة أمين عام الاشتراكي اليمني في إفتتاح الدورة العاشرة للجنة المركزية

الاشتراكي نت/صبح الصبيحه / خاص
كلمة الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان في افتتاح الدورة العاشرة للجنة المركزية للحزب السبت 22-11-2014 – صنعاء
بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الرفيقات.. أيها الرفاق أعضاء اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني
الأخوات والإخوة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارحب بكم إلى الدورة العاشرة للجنة المركزية التي تنعقد في هذه الظروف السياسية المعقدة التي تمر بها البلاد والتي تسبق انعقاد المجلس الوطني للحزب الاشتراكي اليمني بأيام قليلة. وتأتي هذه الدورة مقترنة باحتفالات شعبنا بالذكرى السابعة والأربعين للاستقلال المجيد الـ 30 من نوفمبر 1967، فلها منا أصدق التحايا وللصامدين في ساحة الاعتصام في عدن كل التأييد ولتضحياتهم كل الوفاء.
تنتصب أمام هذه الدورة مهام استثنائية سياسية وتنظيمية يجب إنجازها من واقع ما سيعرض عليها من موضوعات تتعلق بتقييم نشاط الحزب السياسي والتنظيمي لأكثر من تسع سنوات منذ انعقاد المؤتمر العام الخامس في يوليو 2005، حتى الأن، وكذلك في ما يخص الترتيبات النهائية لانعقاد المجلس الحزبي وما يجب إنجازه على هذا الصعيد من مهمات.
إن قرار عقد (الكونفرنس) هو قرار اتخذته اللجنة المركزية في دورة سابقة(الدورة الثامنة)، ولأسباب تتعلق بتعقيدات الوضع السياسي وما رافق ذلك من ممانعة صامتة وعلنية من داخل الحزب ، فقد تعثرت التحضيرات مما أجل انعقاد الكونفرنس أكثر من مرة عن الموعد الذي سبق أن حدد لانعقاده.
ومع ذلك فقد أنجزت على طريق التحضير كثير من المهمات الحزبية المؤجلة ومنها المسح التنظيمي لمعرفة الحالة التنظيمية العامة وتقييمها بالاستناد إلى المحصلة النهائية لهذا المسح الذي كشف جوانب القصور والصعوبات التي اكتنفت العمل التنظيمي خلال المرحلة الماضية والذي ستكون له آثار إيجابية لتصحيح العمل التنظيمي خلال المرحلة المقبلة.
لقد كان من الأهمية بمكان، ونحن نحضر للمجلس الحزبي الوطني أن يعمل الجميع على تصحيح القاعدة التنظيمية للحزب وهو ما انجز جزء مهم منه، على أن ينجز الجزء المتبقي بعد الكونفرنس مباشرة، فلابد من استكمال الإحصاء الحزبي وإعادة بناء منظمات الحزب بالمستوى الذي يحقق الهدف من وراء إعداد الحزب لأداء مهامه السياسية النضالية خلال المرحلة المقبلة.
لقد كان قرار انعقاد المجلس الحزبي مهما على طريق السير نحو المؤتمر العام السادس الذي سيقر بصورة نهائية إعادة هيكلة الحزب وفقا لمهامه النضالية في المرحلة المقبلة، أي أن هذه الحلقة الوسيطة هي بمثابة خطوة تصحيحية مهمة وأساسية لمؤتمر عام ناجح يعبر بالحزب إلى المستقبل. فعلى هذا الطريق كان لابد من اكتشاف قدرة الحزب على تجاوز كل الصعوبات التي أنتجتها تلك الظروف التي نبهته إلى ضرورة القيام بإصلاحات جوهرية تمكنه من مواصلة نضاله السياسي بكفاءة تتناسب مع مكانته ودوره في الحياة السياسية.
وفي اتساق مع هذا العمل التصحيحي كان لابد من العمل على وضع الحزب الاشتراكي اليمني في المكان الصحيح والملائم في الحياة السياسية والنضالية بالانطلاق من الدور التاريخي النضالي الذي تميز به،  سنجد ان ذلك لا يمكن أن يتحقق الا بتجديد دمائه من الشباب باعتبارهم القوة التي يتجدد بها الحزب لاسيما وأن الأحداث الكبيرة التي مر بها اليمن خلال الفترة المنصرمة قد رصدت الدور الحيوي والمهم الذي لعبه شباب الحزب في ما يؤكد أن المخزون الكبير داخل الحزب من الشباب المناضل  والمؤهل علميا وفكريا يشكل أساسا قويا لعملية التجديد تلك. وكان لابد أن يتحقق هذا التجديد من خلال محطة حزبية تكسبه مشروعية تتناغم مع حاجته لتجنب الانتقائية أو العشوائية في أهم لحظة من لحظات إعادة بنائه على أسس سليمة.
وكانت هذه المحطة هي المجلس الوطني الحزبي الذي نص عليه النظام الداخلي. إن المجلس الحزبي الوطني هو محطة إعداد سياسي وتنظيمي للحزب لمواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة، وهو ليس بديلا للمؤتمر العام الذي لابد من تهيئة الظروف المناسبة لانعقاده بنجاح، فالمؤتمر العام هو الهيئة الوحيدة التي لايسمح لها أن تفشل، لأن فشلها ستكون له انعكاسات خطيرة على حياة أي حزب.
إننا بهذه المناسبة ندعو كافة أعضاء الحزب إلى الإنخراط في هذه المرحلة الأخيرة من عملية التحضير لإنعقاد المجلس الوطني الحزبي لوضع حزبنا في المسار الذي يمكنه من مواجهة متطلبات المرحلة الكفاحية المقبلة.
إن الفرصة التي تقدمها الحياة لتجديد هذا الحزب من داخله وبالاستناد إلى المخزون الكبير من الشباب والمرأة يجب أن يعيد إلى الأذهان تلك الحقيقة التي ربما غابت عن الكثيرين، وهي أن هذا الحزب الذي يمتد تاريخ كفاحه على طول وعرض الأرض اليمنية متجذرا في كل المحطات السياسية والنضالية التي مر بها اليمن في تاريخه المعاصر ليس كشاهد على أحداث هذه المحطات وإنما كصانع وكطرف في معادلاتها ومعطياتها، وكان دائما ذلك الطرف الذي يحمل راية الحرية والتقدم والانحياز للجماهير. وكان في مسارات كفاحه الطويل معرضا أيضا للأخطاء التي انتقدها بجرأة من موقعه النضالي المتميز بالشعور بقيمة النقد في حياته كمؤسسة متجددة وتتجدد بفعل المتغيرات التي يشهدها الواقع الذي يناضل فيه. ولم يكن النقد ينتقص من قيمة نضالاته وتضحياته بقدر ما كان يزيده صلابة وتصميما على مواصلة مشواره الكفاحي المتواصل. أما حملة التشويه التحريض والتحامل التي عرفها تاريخه السياسي الطويل فغالبا ما كان يتركها وراء ظهره متجاوزا غاياتها التي تستهدف إعاقة مسيرته. وبانتقاله إلى المسار السياسي الديمقراطي لم يعرف الانغلاق يوما على ذاته بشأن رؤاه السياسية. لقد فتح حوارات واسعة مع مختلف القوى السياسية وأقام تحالفات عبرت عن حاجة موضوعية لإنجاز مهام سياسية تاريخية محددة. وفي الحوار الوطني الذي شهدته البلاد بعد ثورة فبراير2011 كان الحزب حاضرا برؤاه السياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية تجاه كل القضايا التي تم الحوار حولها . كانت لديه رؤاه حول حل القضية الجنوبية وقد نشرت بتفاصيلها وخلص إلى أهمية حل هذه القضية على قاعدة إقامة دولة اتحادية ديمقراطية من إقليمين، مع احترام حق الشعب في تقرير خياراته السياسية، وقف بقوة معارضا لتقسيم الجنوب إلى إقليمين(شرقي وغربي) لما يحمله مثل هذا التقسيم من استحضار للماضي الاستعماري الذي يجعل الحديث عن القضية الجنوبية مجردا عن مضمونها السياسي التاريخي وباعتبار الجنوب طرفا في المعادلة السياسية الوطنية التي قامت على أساسها الوحدة. وقدم رؤاه بشأن الدولة المدنية الحديثة وبشأن قضية صعدة بما يوفر الشروط الموضوعية للسير معا نحو بناء دولة عادلة خالية من الظلم ومن عناصر التفكك الطائفي التي ظلت كامنة في الممارسة الممنهجة للنظام السياسي والاجتماعي للبلاد وقدم رؤاه بشأن ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار الوطني من منطلق أن المؤسسات التي ثار عليها الشعب لم تعد مؤهلة لتنفيذ هذه المخرجات باعتبارها العقد الاجتماعي الجديد لبناء الدولة.
لم يرضخ حزبنا لموجة الاستقطاب الذي شكلته توافقات موضوعية في الأساس بين بعض القوى التي وجدت نفسها تخوض تحالفات مؤقتة لتمرير خيارات أثبتت الأحداث والوقائع اللاحقة خطأها وكانت سببا في إرباك المشهد السياسي على النحو الذي تراجع فيه المشروع الوطني الديمقراطي نحو الانكفاء ليبرز مشروع الحرب نيابة عنه على النحو الذي انتج معادلاته الخطيرة التي يصعب التكهن بمآلاتها ما لم تستعد المكونات والقوى السياسية الإمساك بمعطيات المشروع السياسي: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، مع تصحيح جوانب القصور والتشوه في بعض المخرجات التي شكلت مفاصل مهمة في بناء الدولة، وكذا اتفاق السلم والشراكة والعمل على دعم المسار السلمي واستعادة العملية السلمية. ويعمل حزبنا في الوقت الحاضر مع كل القوى لاستعادة جوهر ومضمون العملية السياسية. وبهذا الصدد حرص حزبنا على الدفع بتشكيل الحكومة بعيدا عن المحاصصة الحزبية والخروج من نفق المناكفات التي تعرض لها التوافق الحكومي خلال الفترة الماضية بسبب التشوه والقصور الذي أصاب تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لعدم استكمال نقل السلطة مما ترتب عليه بقاء نصف الحكومة معطلا للنصف الآخر. ولا يمكن تقييم هذه المرحلة بمعزل عن هذه القضية الأساسية المتعلقة بالقصور في نقل السلطة مما ترتب عليه ازدواجية غير مقبولة في ممارسة السلطة على كافة الأصعدة، وهو ما ظل حزبنا ينبه بشأنه طوال المرحلة الماضية ويواجه بمفرده الصمت الذي استسلمت له قوى عديدة تجاه هذه المسألة الحيوية حتى إن النتائج التي توقعها من جراء ذلك لم تشذ عما جرى في الواقع من اختلالات أربكت مسار العملية السياسية وكادت تؤدي إلى فشلها الكامل.
أيتها الرفيقات.. أيها الرفاق.. الحضور الكرام
نحن الآن في السنة العاشرة منذ انعقاد المؤتمر العام الخامس، وهو عقد شهد أحداثا كبيرة وضخمة غيرت وجه الحياة بشكل كبير في هذا البلد. وفي هذه الاحداث كان الحزب الاشتراكي حاضرا بالعمل  وبالمواقف وبالرؤى. تحملت قيادة الحزب أعباء كبيرة كي تهيئ الحزب وتقوده كشريك فاعل في هذه الأحداث وفي الثورة الشعبية التي امتدت من 2007 حتى 2011 وما تلاها من تطورات سياسية وتغييرات جذرية في المشهد السياسي، وستجدون رصدا لكل هذه التطورات في التقرير السياسي والتقرير التنظيمي المعروضين أمامكم. لقد تحملت هذه القيادة عبء مرحلة سياسية معقدة بكل المقاييس. وشارك حزبنا في حكومة الوفاق بثلاثة وزراء أدوا مهامهم بكفاءة عالية نفخر بها ونعتز، وقدموا نموذجا لما يختزنه من كفاءات مؤهلة ونزيهة. وفي الحكومة الأخيرة حرصنا أن نلتزم بالمعيار الذي اقترحناه لمواجهة حالة الإرباك العامة التي واجهتها البلاد بدون حكومة وذلك بتفويض رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكنا صادقين ولكن المخاتلة التي مورست في التشكيل جعلت الصدق في هذا البلد يبدو كأنه سذاجة، ومع ذلك نتمنى للحكومة أن تقوم بمهمتها بنجاح في حل المشاكل الاقتصادية والمعيشية والأمنية للشعب بأولوياتها المطلقة بغض النظر عن الممارسات التي عبرت عن قوة العادة في بلد تتعرض فيه الدولة للانهيار ويكابر البعض في استعراض مناوراتهم بحسابات أثبتت دائما أنها خاطئة من واقع ما حل بهذا البلد من كوارث بسبب ذلك. لقد فضلنا التمسك بموقفنا في أن نعمل على إخراج البلد من مأزق الفراغ آملين أن يكون الوجه الآخر للشراكة قد ولد عن الآخرين مسئولية بحجم المشاكل التي يمر بها اليمن، لكن للأسف فإن كثيرين لم يرتقوا إلى مستوى هذه المسئولية وظلوا يتحركون في السراديب القديمة وبأدوات إقصائية قديمة وجديدة.
في هذه الأثناء وفي ظل كل هذه الظروف والتعقيدات التي عملت في ظلها قيادة الحزب فقد تعرضت للكثير من الهجوم والقليل جدا من التعاون، بل إن البعض لم يكن له من شغل سوى مهاجمة القيادة وتصيد النواقص والأخطاء وتضخيمها بروح لا تنم عن نقد حزبي صحيح ولكن بوحي من الأمراض القديمة نفسها المرحلة من محطات عديدة في تاريخ هذا الحزب. يصر البعض في هجومه على القيادة في انها متمسكة ببقائها في واقعها بينماالحقيقة هي أنه لايوجد ما يجعلنا نتمسك بذلك سوى حرصنا على الحزب حتى يتم تسليم أمر القيادة في ظروف كان لابد أن يتهيأ لها كل الحزب بصورة طبيعية، ولذلك جاء الكونفرنس ليتولى ترتيب هذا الانتقال بالشروط الحزبية التي تم بها اختيار هذه القيادة. سيأتي من داخل الحزب من يتحمل مسئوليته القيادية ويمضي بدون ضجيج ولا تعبئة. في عملنا هناك أخطاء، وفي مسارات العمل السياسي في بلد لم تستقر فيه شروط العمل السياسي ولا مقومات المشروع السياسي الديمقراطي المستقر ستكون هناك أخطاء في تقدير الموقف أحيانا لأن الوقائع التي يتقرر بشأنها الموقف لاتحكمها معايير محددة وهي عرضة للمجاهيل الكثيرة. ومع ذلك فإنه على خطورة الأحداث التي مر بها اليمن طوال السنوات العشر الماضية يمكن القول إن المواقف التي اتخذها حزبنا في معظم محطات هذه الأحداث حافظت على كيانيته وتماسكه وجنبه مخاطر الانزلاق نحو الأخطاء القاتلة التي شهدتها كثير من القوى السياسية. حتى الايام القليلة الماضية ونحن على وشك الانتهاء من التحضير والاشاعات لا تتوقف وآخرها أننا سنفصل 150 عضوا من اللجنة المركزية ممن التحقوا بالحراك. مثل هذه التسريبات السخيفة ليس لها من معنى سوى الإرباك كالعادة.
كانت معظم الأحداث تفرض حالات متعددة من الاستقطابات الحادة تمكن حزبنا بسبب وضوح رؤاه أن يفلت منها بإرادة جسدت مكانته التاريخية وقوة مشروعه السياسي والاجتماعي.
ولقد تعود الحزب الاشتراكي في كل الظروف الصعبة والاستثنائية أن يخاطب أعضاءه وجماهير الشعب بشفافية وبوضوح عن حقيقة الأوضاع التي تمر بها البلاد وموقفه منها ورأيه في الحلول والمعالجات، وكان يكاشف الجماهير ويضعها أمام مسئولياتها في التصدي للأسباب التي تولد هذه المعاناة. إن التصدي للأسباب المنشئة لمعاناة الشعوب أكثر أهمية من الاحتشاد وراء مظاهر المعاناة. وهذا ما اتبعه حزبنا في التعاطي مع مختلف القضايا ومنها القضية الجنوبية على وجه الخصوص. فمن شأن الأولى أن تنشئ حركة كفاحية شعبية صلبة تنتج من داخلها القيادات الشعبية والسياسية التي تنظم وتقود إيقاعات الفعل الثوري وأهدافه وأدواته وتكتيكاته، وتشكل بالمقابل ضمانة حقيقية لتحقيق هذا الفعل الثوري واعتمادها داخل بنية اجتماعية وسياسية وشعبية وفية لهذا الفعل وأهدافه. أما الاحتشاد وراء مظاهر المعاناة فقط دون استيعاب أسبابها الحقيقية ومآلاتها من قبل الجماهير فإن ذلك قد يعرضها لخيبات أمل كبير.
واصل حزبنا نضالاته على هذا الطريق وأخذت الوقائع تثبت صحة هذا النهج في التعاطي مع القضايا المصيرية، اليوم وفي تحليله للواقع الراهن يرى حزبنا أن مغادرة مشروع الحروب والعودة إلى مسارات العملية السياسية والحفاظ على كيان الدولة وحمايته من الانهيار هي مسألة ذات أولوية. وتتصدر المهام المرتبطة بالحفاظ على كيان الدولة مسألتان جوهريتان:
الأولى: تجنب الانزلاق نحو أي صراع يأخذ منحى طائفيا على اي نحو كان. وعلى القوى السياسية والاجتماعية والدينية بألوانها المختلفة أن تقف عند هذه المسألة بمسئولية كاملة وتتوقف عن الشحن الطائفي وتلتزم بحقيقة أن خلافها هو سياسي واقتصادي بدرجة رئيسية ، وأن العنوان المذهبي والطائفي ليس سوى أداة شحن خبيثة لتحويل الخلافات التي يمكن حلها على قاعدة الاتفاق على إدارة رشيدة للمصالح إلى صراع يستأثر فيه المتغلب على كل المصالح. لا تكمن المشكلة في أن تكون هناك مذاهب او طوائف أو أعراق في أي مجتمع ، فهذا تنوع طبيعي ، لكن المهم كيف يدار هذا التنوع وكيف تدار مصالح منتسبيه على قاعدة المواطنة المتساوية وحماية مصالح الجميع. والحقيقة أن المسألة الجوهرية والحقيقية عند هؤلاء جميعا لم تعد لها علاقة بمن كان له أحقية في الحكم بالأمس البعيد، وإنما في من يرى نفسه أحق بالحكم اليوم. فهذه مسألة حسم أمرها بالاتفاق أن الإرادة الشعبية هي من يقررها وفقا لقواعد ينظمها الدستور.
الثانية: التعاطي المسؤول مع القضية الجنوبية من قبل كافة القوى السياسية، وابدأ بالنخب السياسية الجنوبية في مشاريعها المتنوعة.
من الملاحظ أن الأوضاع في اليمن تتحرك على الأرض لا تترك أمام هذه النخب سوى أن تتفق على قواسم مشتركة في اللحظة الراهنة دون أي غطرسة أو مخاتلة من قبل اي طرف بفرض خياره على الآخرين كخيار وحيد. لقد أدت هذه المحاولات إلى تمزيق الكتلة الثورية الجنوبية المتمثلة بالحراك السلمي الأمر الذي لم تتمكن معه من صياغة مشروع سياسي برؤاه الاستراتيجية وتفاصيله التكتيكية.
وأدى هذا الوضع إلى ضياع كثير من الفرص التي كان بالإمكان استغلالها لتعزيز المسار لحل القضية الجنوبية حلا عادلا وفقا لاختيارات الشعب في الجنوب. لقد كان من الأهمية بمكان أن يعمل الجميع على تكوين قاسم مشترك لكل القوى الفاعلة على الساحة الجنوبية، ووضع خارطة طريق واقعية بحيث تبدأ هذه الخارطة أولا: برفض تقسيم الجنوب إلى إقليمين، وتوقيع وثيقة شرف بذلك. وتشمل أهمية ذلك في أن كثيرا من الأصوات تريد أن تستخدم هذه كلمة "الجنوب" لتمرير تجزئته إلى شرقي وغربي بما يحمله ذلك من أهداف تتفق موضوعيا مع من يريد أن يوظف هذا التقسيم لتفريغ هذه القضية من معانيها السياسية والوقوف بها عند حدود تقسيم إداري مجرد من أبعاده السياسية.
وثانيا: لابد لهذه القوى في الجنوب أن تنتج روابط وثيقة بالعملية السياسية الجارية على صعيد البلاد كلها دون تحفظ. كما أنه لايجوز النظر إلى هذه العملية السياسية كما لو أنها تجري من مكان بعيد من العالم وأنها لاتعنيهم في شيئ. إن هذه العملية تعنيهم وتعني القضية الجنوبية, ففي سياقها فقط يمكن حل القضية الجنوبية ونجاحها في الحفاظ على كيان الدولة يعد ركناً أساسيا في توفير الشروط لحل هذه القضية. أما إذا حدث الانهيار فإن الجنوب سيجد نفسه تائها ومتخبطا ومنقسما وسط هذا الانهيار ربما اكثر من الشمال. إن على القوى السياسية الجنوبية المنخرطة في الحراك السلمي أن تعي أن رفض العملية السياسية سيترك فرصة سانحة أمام مشروع العنف الذي ستتولاه قوى أخرى, وأن العوامل المؤدية إلى انهيار كيان الدولة ستنعكس سلبا" على الجنوب بسبب هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكثرة اللاعبين ,ومن مصلحة الجنوب أن لا ينهار كيان الدولة, وأن لا تبقى في صيغتها الهشة القائمة. وعلى قوى الحراك السلمي أن لاتقف موقف اللامبالاة مما يحدث باعتباره شأنا شماليا كما يقول البعض. وفي هذا السياق يمكن أن تتأسس الدولة الاتحادية من إقليمين, وعلى الجنوب أن يتعامل معها باعتبارها خطوة حاسمة وضرورية لاستعادة  المبادرة السياسية والشعبية لوضع القضية الجنوبية في مسارها الصحيح.
أما القوى السياسية الأخرى فإن عليها ان تدرك تماما أن السير في الطريق القديم نفسه والمنهج المتعالي ذاته على حق الشعب في تقرير خياراته السياسية, كما ورد في وثيقة مخرجات الحوار الوطني, فلن يزيد المشهد إرباكان فحسب, بل سيضع البلاد كلها أمام استحقاقات شعبية لن تستطيع "الدولة" أن تواجهها بأدوات القوة التي كانت تعتمد عليها ما سيؤدي بالنتيجة إلى انهيارات أكثر خطورة ,يسبقها تفكك مدعوم بحروب محلية بنكهات طائفية وجهوية و مناطقية وغيرها من المواجهات المسلحة بطابعها الإرهابي والثأري وتصفية الحسابات من منطلقات متباينة الأهداف.
وفقكم الله لإنجاز مهام هذا الدورة على طريق التحضير النهائي لانعقاد المجلس الحزبي الوطني.
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات: