البحث في هذه المدونة

الثلاثاء، 5 يونيو 2012

الدين في عرف القبيلة اليمنية مكر ودهاء من تعاليم الشيطان

الدين في عرف القبيلة اليمنية

مكر ودهاء من تعاليم الشيطان
محمد الزعوري
في عام 90م لم تدخل الجمهورية العربية اليمنية مع ( الجنوب ) في مشروع وحدة بل كان مشروعا للمكر والخديعة والدهاء ، يؤسس لابتلاع الدولة القادمة بقيم القومية العربية ( الطُعم ) حيث مهدوا للمشروع بمشروع مضاد من الدسائس والمؤامرات ، وأسسوا الأحزاب والتكوينات السياسية والقبلية والدينية لهذا الغرض ، ومن ما ذكره  عبد الله الأحمرفي مذكراته : ( قال لنا الرئيس علي عبد الله صالح : كونوا حزباً يكون رديفاً للمؤتمر ونحن وإياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة ، ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلما المؤتمر. إضافة إلي أنه قال: إن الاتفاقية تمت بيني وبين الحزب الاشتراكي وهم يمثلون الحزب الاشتراكي والدولة التي كانت في الجنوب ، وأنا أمثل المؤتمر الشعبي والدولة التي في الشمال ، وبيننا اتفاقيات لا أستطيع أتململ منها ، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي وهي غير صائبة ونعرقل تنفيذها ، وعلي هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح ) هذا هو المبدأ الذي أسس عليه حزب  الإصلاح  – مبدأ الباطل – من أول لحظة لنشوئه ، وهذا ما تم في كل جوانب المشروع الوحدوي المذبوح بسلسلة لا نهائية من المكائد والمؤامرات ( ابتداء بالاغتيالات لكوادر الجنوب وفتوى الدم  وحرب الاجتياح واحتلال الجنوب وانتهاء بفتوى دم جديدة في نسختها الأخيرة 2012م ) ، إن الدهاء والمكر والخداع موروث فكري  لدى قوى الاحتلال ( القبلية ) تنبع من طبيعة الشخصية اليمنية المتناغمة مع ثقافة السيطرة والاستعلاء كمكون قيمي من مكونات الفكر القبلي المترسخ في وجدان الفرد المنتمي إليها ، هذا الدهاء والمكر في التعامل مع الآخر المختلف أصبح مدرسة لإنتاج هذا السلاح ضد الخصوم عبر التاريخ والشواهد كثيرة ، فهم يرسمون الخطط للإيقاع بالضحايا تتقدم عن حاضرهم بسنوات طويلة تحسبا للطوارئ ، وهذا الفعل الغير مستقيم مع فطرة الإنسان السوية تنبع من طبيعة أللا استقرار الذي تعيشه القبيلة اليمنية ، لان أفعالها الحاضرة الخارجة عن ( القيم والأخلاق ) تؤسس لردة فعل الخصم الذي يصبح تمرده ضرورة حتمية لدفع الغبن والضيم والقهر الذي لاقاه .. فتشرع القبيلة وعقليتها المتآمرة لتحديد تفاصيل الأتي من خلال القدرات التي تكونت لديها عبر التاريخ ، فتتنبأ بسير الأحداث في المستقبل القريب والبعيد فتخطط مسبقا لمواجهتها قبل أن تبدأ .
فالمتتبع المدقق للأحداث التي تدور في الجنوب وفي أبين تحديدا سيجد أن الأمر لم يكن حدثا تراتبيا لأحداث التاريخ ، بل نسقا مطردا من الأفعال المحددة سلفا وفق الزمان والمكان بعناية فائقة وبإيقاع متناغم ومتسلسل ومسيطر عليه تماما ، فيبدوا للمشاهد العادي إن الأحداث طبيعية كنتاج لوقع اللحظة المحتدمة بالتناقضات ، ولكن كما أسلفنا سابقا أننا سنجد شيئا مختلف تماما ، فقد نتساءل كيف نشأت القاعدة ؟ ولماذا في أبين تحديدا ؟ وكيف ظهرت جماعة أنصار الشريعة ؟ ولماذا في الوقت الراهن ازدادت نشاطا ؟ ولماذا لم يكن ذلك قبل سنوات مثلا ؟ ومن يمول تلك الجماعات ؟ وكيف تستطيع التحكم السيطرة بالإحداث الدائرة ؟ ولماذا انتهجت ذلك العنف الغير مبرر مع من يخالفها ؟ مثل قتل الأسير المحرم شرعا باستخدام وسائل بشعة جدا كالذبح والقتل بدم بارد خارج نطاق الشرع والقانون الذي تدعيه ؟ لماذا تلجا جماعة تدعي الإسلام بسرقة البنوك والمؤسسات ... الخ ، أسئلة لاتنتهي ، عند من يقف خارج المشهد ولكن قليل من التحليل والتعمق سنجد التالي .. إن كل تلك الأسئلة قد وضعت على طاولة البحث والدراسة من قبل ( سلطة القبيلة ) منذ وقت طويل جدا ، والسؤال لماذا ؟ وهنا نعود إلى اتفاقيات الوحدة التي تم الانقلاب عليها فهم منذ اليوم الأول قد أسسوا لردة فعل طبيعية ستنشأ في الشارع الجنوبي بعد حين لمقاومة الواقع الذي سيجدوا أنفسهم فيه ، لذلك جلست العقول  للترتيب لهذا اليوم ممثلا بجهاز ( المكر والدهاء القبلي ) وأعدوا العدة والتفاصيل وحددوا لحظة انطلاق مخططاتهم مع الحفاظ على بقاء خيوط اللعبة بأيديهم ، فهم قد درسوا الأحداث وحددوا نوع النتائج بدقة متناهية لا شك فيها أو ريب .
  فإطلاق أنصار الشريعة يعني بالناتج الأخير مواجهة مفتوحة مع المجتمع الجنوبي الذي لا يقبل التطرف كهدف للأجندة العامة لهم . لماذا في أبين وشبوه بالتحديد ؟ الإجابة تتفق مع طبيعة الخبث الذي يحمله هؤلاء من خلال دراستهم المستوفية لسيكولوجية الإنسان الجنوبي منطلقين من أن هاتين المحافظتين الجنوبيتين تقعان في منتصف الجنوب وكان لهما دورا بارزا في تسهيل مهمة الاجتياح ، ولذلك أسموهما بوابة النصر العظيم ضحكا على الذقون !! ولان النية لدى الطرف المستفيد من هاتين المحافظتين قد بنيت على المكر والخداع فان ردة فعلهما ستكون مختلفة حين يستقر الناس على الواقع المؤلم الذي جنوه على أنفسهم وشعبهم ، فكانت خطتهم تقتضي كبح جماح هذا التحول القادم حتماً لان المخدوع ستكون ردة فعله أقوى ويمتلك المبررات لذلك الفعل فهو شريك في ( الخسارة فقط ) والعدوان وأما الحصاد فمر بمرارة العلقم وتركته ندم وذل ومهانة وانكسار ، فلابد من الحد من هذا الخطر القادم بخطر اكبر وأجل ، فتم إطلاق نسخة ما يسمى ( أنصار الشريعة ) بعد نفاذ ما بجعبتهم من الخطط البديلة والمسكنات ومن هناك تحديدا والنتيجة نراها اليوم بأم أعيننا واقعاً لم نكن نتوقعه إطلاقا وهو أن ( الجنوب يقاتل إلى جانب الجيش اليمني مرة أخرى ) سعيا من الجنوب لإقناع العالم انه شريك في محاربة الإرهاب ضد الخطر الذي يراه البعض حسب السيناريو المعد اشد بشاعة ، وما خفي كان أعظم ، فالحراكي المتحمس لقتال الشريعة يقف جنبا إلى جنب مع الجندي اليمني الذي يحتل وطنه – قمة التناقض – فالخطة قد بينت سلفا وبتعاون إقليمي واضح إذا انتصرت الشريعة يعني القضاء على تطلعات الجنوبيين باستعادة دولتهم من خلال إنهاكهم بحرب لم تكن ضمن أولوياتهم ، والزج بهم في أتون المجهول وهذا ما نلمسه من تودد السلطة للحراك في هذا الموضوع تحديدا ، وان انتصر الجيش الذي يشاركه الجنوبيين والحراك الجنوبي يعني القضاء على الحراك لان الجيش سيكون هو المتصدر الوحيد للمشهد لما يمتلكه من المال والعتاد والقوة ، وهو ما بدا قبل أيام في لودر حين احتج أفراد من اللجان الشعبية على إيقاف رواتبهم فتم إطلاق النار عليهم بقسوة فسقط جرحى وصفت بعضها بالخطيرة ، فكل الطرق عند الاحتلال تؤدي بالجنوبيين إلى باب اليمن ولو إلى بعد حين ، فهي لعبة تشبه لعبة الشطرنج ( شيك كلك – دد ) ولكنها لعبة لإشباع غرائزهم البهيمية المتعطشة للدم والألم والمآس في الجنوب ، تخلى أصحابها عن قيم السماء والأرض ، فهي مستلهمة من وحي الشيطان والعياذ بالله منه.
ولان المخطط معد بدقة فقد حددوا مساحات جغرافية معينة لتحرك تلك الجماعات حتى لا تخرج عن سيطرتهم ، ولهذا الغرض وضعت قوات كبيرة لمحاصرة هؤلاء في الإطار المحدد لهم وذلك لأسباب عدة منها إبقاء الجماعة في تلك المساحة المحددة سلفا أي إبقائها تحت السيطرة والحد من خطرها المحتمل على نفس القوى التي أطلقتها  ، والسبب الآخر لحمايتها حتى يتحقق الغرض من وجودها هناك وإمدادها بالسلاح والمؤن بالتضحية بكتيبة هنا وهناك ، فالجندي بدلا عنه جندي كما قال زعيم احتلالهم المخلوع ، وثالثا حتى تزج بالآلاف من الجنوبيين للقتال ضمن صفوف الجيش فيتم تصفيتهم من الطرفين وهذا ما بدا جليا من خلال انسحاب اللجان الشعبية أخيرا من جبهة جعار لان هناك من يستهدفهم من الخلف فسقط العشرات منهم بين شهيد وجريح جراء ذلك الغدر ، وهنا يكون الدهاء والمكر الشيطاني قد حقق هدفه .
أما في المناطق الأخرى ( كعدن ولحج وحضرموت والمهرة ) لا يصلح لها هذا الإخراج لان مصالحهم الكبيرة هناك فالموارد التي تحرك أنشطة الاحتلال ومتنفذيه تأتي من هذه المحافظات ( كالموانئ والمطارات والنفط والغاز والذهب والطرق الرئيسة .. الخ ) فلابد من خطة بديلة تتماشى مع الخطة الأم فهذه المناطق ستكون مسرحا مؤقتا وخاطفا لعمليات محدودة هنا وهناك لإثارة المخاوف وجعل الناس أسرى للتوقعات التي لا تنتهي ، فتتشتت جهود الثائر الجنوبي ، وتصبح تلك الأحداث مادة للإعلام الغير نزيه بديلا عن أنشطة الحراك وثورته التحررية الحضارية المعادية للإرهاب والتطرف ، وهو ما نلمسه من كبريات القنوات التي تقلب الحقائق وتزيف الوقائع وتركز على السفاسف وتتجاهل ثورة بحجم ثورة الجنوب الأبي ، ( كل ذلك حسب الخطة ) ، ثم يتم زرع قوى جديدة تمد بالمال والسلاح تتمثل بما يسمى بالقوى الثورية ( مليشيات الاصطلاح ) لتواجه ثورة الجنوب وبديلا عنها في الإعلام ، وهي قائمة على المنطق التآمري ( النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله ) وهذا ما نلحظه بجلاء في حضرموت وعدن كيف تقف المليشيات وجنود الأمن المركزي والحرس الجمهوري والفرقة أولى مدرع لمواجهة الشباب العزل في الجنوب المحتل ، وهذا أيضا لا يخلوا من المكر والدهاء والحساب ، فأعدا الأمس في ( شارع الستين والسبعين والحصبة ) كان لابد من فعل يجمعهم على صعيد واحد ( فكان الحراك الجنوبي ) عدوا يؤلف بين قلوب الأخوة الأعداء ضد الجنوب وشعبه الغنيمة التي تستلهم كل فنون مكرهم للإبقاء عليها .
إذا هذا غيض من فيض من بعض أجندة الغزاة في الجنوب المحتل ،  استغلال كل شي بما فيها قدسية الدين للإبقاء على شيء واحد ووحيد فقط هو ( الجنوب وثروته ) ، فهل من عبقرية تفكك طلاسم انحطاطهم القادم ضد وجودنا على هذه الأرض ، فالضرورة تقتضي الوقوف طويلا للتأمل وتوليد الأفكار وعصف الذهن بقوة حتى نتمكن من استلهام ما يجنبنا هذا الدمار والاجتثاث والتطهير العنصري ، فالأمر جد خطير وعدونا لا يمتلك مثقال ذرة من الإنسانية والضمير ، وقد تجرد من كل القيم الدينية والأخلاقية حتى غدا كالوحش والمسعور ينهش في أجسادنا دون رحمة . 
وعلى مفكرينا أن يتعمقوا في الدراسة والتحليل لكل ما هو قادم من مخططاتهم فقد شارف الوقت على الانتهاء وألاعيبهم  غدت مكشوفة ، ولكن يبقى المكر والدهاء من مكوناتهم الروحية الاصيلة التي أتقنوها منذ مئات السنين فلوحة الشطرنج وبيادقها بأيديهم ، وعلينا تحديد المربع الذي يسكون مسرحا للنقلة القادمة قبل أن يفعلوا ، وما فتواهم الجديدة ( موديل 2012م ) إلا جزء من المخطط القادم فتنبهوا .

ليست هناك تعليقات: