البحث في هذه المدونة

الأحد، 22 أبريل 2012

تراتيل الحياة عند ضفاف المقابر .. محمد الزعوري يكتب: بدم القلب.. يصرخ فينا .. وكأنه يجهل..أن صرخات الأحياء ..لا يسمعها الموتئ !!!!!!؟؟؟


لقد أسمعت لو ناديت حياً  ..!!!!!
محمد الزعوري

أجراس حرب ملعونة قذرة تقرع في كل مكان .. والأصابع المرتعشة البليدة تتحسس زناد البغي والتجبر ، وأياد ملطخة بالدماء توجه فوهات رشاشاتها نحو صدورنا .. مشاهد وقصص تتخلق هنا وهناك يرويها أناس مصدومون ومندهشون من أهوال مخيفة تجري  في غفلة من العالم الصامت صمت القبور.. ولم تعد أخبار القتل تثير الفضول أو تحرك المشاعر فيهم .. فلا أحد يأبه !
لا يكاد ينبلج فجر يوم جديد إلا على أشلاء من أجساد غضة بريئة متناثرة .. ولا يوم يمر إلا  وطابور طويل من الجرحى يُهرع بهم إلى المستشفيات .. وحدث ولا حرج عن المفقودين والمشردين والنازحين والثكلى والأرامل واليتامى ورتل لن ينتهي من المآسي والأحزان لو كتبناه بماء البحر لما انتهينا - كل هذا وهناك المزيد – فيا للهول !.. قتل بالجملة والتجزئة فينا.. وفرق للموت تمارس العدل  ذبحا بسكاكين صدئة مثلومة  كما تذبح النعاج .. وأخرى تقصف بالمدافع ولسان حال مطلقها يقول : اذهبي أيتها القذائف فحيثما تسقطي فخراجك عائد إلي دماء وأشلاء جنوبية  .. قتل بالرصاص والقنابل والطائرات .. تعددت الأسباب والقاتل واحد متفرد .. سيل غزير من دمائنا ينهمر كل يوم على أرصفة الطرق وزوايا الحارات بدون وجه حق .. لا فرق عند أوباش الاحتلال  بين متظاهر أو طالب أو مسافر ، بين طفل وطفلة بين رجل وامرأة .. بين .. وبين .. وبين .. فجميع هولا أهداف مشروعة لأنهم من الجنوب فدمنا رخيص في شريعتهم  .
في لحج الثورة .. يُقتل الأطفال بدم بارد كرغبة لا تقاوم لدى جنود لهم قلوبٌ متحجرة كالفحم .. وأدمغة غبية .. وبهم سعار الموت .. وفي عدن ( روعة الحب والأحلام ) تذبح الطفولة تقربا وقربانا يقدم في حضرة الطغاة البغاة تجار الدين والسياسة .. وتقتل الفتيات والنساء والشباب.. برصاص الحقد وتيه العسكر ( فبأي ذنب قتلت ).. أبين تستباح و تدمر وتدك البيوت وتسوى بالأرض .
 في عدن يسعى الرعاع القادمون من جبال اليمن كتابة فصول خرابها ، ولكن لن يفلح السحرة حيث أتوا .. فعدن نبع الطهارة والجمال والهدوء وزرقة البحر وحنين الأمسيات.. وقصص الأمواج المتكسرة في صيره  والغدير وجولدمور وساحل ابين .. عدن التواهي التاريخ وعبق الذكريات والزمن الجميل ، هاهي رغم كل شيء تقف المدينة  بفنارها بثبات تقود العالم والبحر يغسل أنامل إقدامها في كل حين .. كريتر قصيدة الكفاح وأنشودة النصر وسنفونية الجذور الغابرة  التليدة .. وفي القلب المنصورة .. نعم المنصورة بإذن الله تعالى ، هي نقطة المبتدأ والمنتهى في مسيرة الخلاص .. الحصن المنيع الذي يتحطم على جداره حملات التتار والمغول اليمني .. المنصورة مدينة الشهادة والانتصار وقبلة الأحرار ، في عدن المعلاء بوابة المستحيل .. شمسان الرابض الأزلي يتحدى العابرون من خلف التاريخ .. شمسان البركان الصامت وهو يجمع في أحشاءه غضب السنين .. عدن خور مكسر الأناقة والضفائر المنسدلة على رمل الشاطئ العتيق .. جوهرة البحر العربي والسياج المنيع لثغر الجنوب الباسم ، هذه عدن لا تقبل الجيف كالبحر، ولكن ! هم كما هم تنابلة وعور .. فيا للهول .. فثمة أماكن وأوقات وأدوات يختارها القتلة ليطفئوا عطش بغيهم من دمائنا  . أراقوا الدم في الطرقات .. وأزهقوا الحياة ظلماً في أكثر من مكان ومكان.. تلاميذ المدارس تقطعت بهم السبل هربا من رصاص توزعه مليشياتهم بدلا عن الماء والكهرباء وحبة الدواء ..  ولم يسلموا من شظايا قذائفهم الغادرة .. ومن دهس مجنزر اتهم المتبخترة   .. الشباب في الساحات يقتلوا وبلا شهود وحسبنا بالله وحده شهيدا عليهم .. وفوق قتلهم تهم وفربكات وكذب لتبرير مزيداً من القتل وإزهاق الأرواح الجنوبية .. وصلت رصاصاتهم إلى غرف معيشتنا ونومنا  فلا مكان يأوينا من بطشهم ، فمساحة حربهم ضدنا مفتوحة وواسعة الحدود .. في الجنوب الأعراس وحفلات الزواج وألعاب الصبية والفتيات في الحارات ممنوع .. ومن يشاهد متلبسا بهذا الجرم فجزاءه القتل  .. الدماء طرية ولزجة لم تجف بعد .. الطفل ( حمودي ) ابن الثانية عشر كان نائما يحلم بالحياة في سيارة يقودها أخيه الأكبر وكان عائدا به وأمه من المستشفى فقتلوه ولم يتركوه ليكمل حلمه الطفولي البريء وأصابوا أمه بجرحين جرح الرصاصة التي استقرت في بالقرب من عمودها الفقري  وجرح الحزن على وليدها مدى الحياة  – الطفلة ( ندى الجنوب ) كانت تلعب بالقرب من بيتها  فأمطروها بتسعين طلقة دوشكاء لان اللعب في الجنوب إرهابا  – ( سامح اليزيدي ) بقيمه التي لو وزعت على العالم لكفتهم .. قتلوه لأنه كشف دناءة أخلاقهم ولأنه يحمل أخلاق الإنسانية قدم حياته في سبيل إنقاذ الطفلة المذبوحة فهذا بنظرهم عين الإرهاب – ( فهد جميل ) الذي أراد إيصال النسوة العاملات إلى منازلهم كعادته ليلا بعد حفل زواج قتلوه لان ذلك ليس من الإسلام – ( الحرة سالي قاسم 22عام وصابره محمود 28عام ) ذنبهن إنهن يعملن لإعالة أسرهن وكانوا عائدات إلى بيوتهن ليستعدوا ليوم عمل جديد مزقوا أجسادهن بالرصاص فالعمل عندهم جناية ، فماذا نقول ولمن نذهب بشكوانا والشكوى لغير الله مذلة .. كل هذه الفضائع ليس إلا نزر يسير من ألم وجراح غائرة ودموع ثائرة وحسرات أبكت  كل صاحب ضمير حي على هذه الأرض ، فلماذا يحدث هذا فينا والعالم يتفرج !! لماذا ينام العالم بكل ثقله ويترك الجنوب وأهله للوحوش ، وفوق كل هذا الصمت يطالعنا إعلام السفه وصناع الموت بحكايات وقصص للتنكيل بالضحية .. وينفثوا من زعاف سمومهم  جراعات بغي وتلذذ  لمزيد من سفك الدم الحرام .. ماذا عسانا نفعل ودموع الرجال تُذرف قهراً على فلذات الأكباد والاحتلال يوغل في إغراق حياتنا بالألم .. ويتربص بنا شرا وحقدا مميتا .. ولا مجيب !! ، ماذا نفعل وسلاحنا القلم والهتاف والعلم .. ماذا نفعل حين يدمن المحتل فينا ذبحا وسحلاً وعدوانا إلى أقصى الحدود .. ماذا نفعل حينما يذهب المتأسلمون تجار الفتاوى وقرائحهم تنضح بالمزيد من تراخيص الإبادة لاستئصالنا من على وجه الأرض .. ولماذا تتناغم أفعالهم مع العلمانيون والمتمركسون .. ويُسخِر الغرب والشرق نفاقهم ضد هتافنا وضد حقنا في الحياة ! .. لماذا كلهم في صعيد واحد في مواجهة شعب مذبوح من الوريد إلى الوريد .
وأقول مات في صدري الأمل وتلاشى كالغبار في فضاء مفتوح هبت عليه رياح عاتية .. فهاهي مواثيقهم وشعاراتهم وهما للمتاجرة بحقوق الإنسان وخداعا  ملئوا به العالم ضجيجاً  ، وغدا تَزلُفِهمْ  مشانق تلتف حول رقابنا ، فلن تصحوا ضمائرهم .. لا لن تصحوا .. فقد توارت إنسانيتهم خجلا واستحالت القيم النبيلة المستهلكة في إعلامهم إلى قطع من الثلج ، وأخلاقهم النفعية إلى مطر من الصقيع الآثم ، مصالحهم فقط مُنطَلَقاً يحرك مشاعرهم الميتة وهم يديرون ظهورهم لصرخة شعب يستغيث بهم منذ زمن بعيد فلا حياة لمن تنادي  ( لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي ).

ليست هناك تعليقات: