البحث في هذه المدونة

الخميس، 4 يوليو 2013

خليل خوري - مرسي العياط الى مزبلة التاريخ

خليل خوري - مرسي العياط الى مزبلة التاريخ

دفاعا عن شرعية الرئيس مرسي العياط الذي وصل الى سدة الحكم اثر انتخابات نزيهة وشفافة على حد زعمهم ، ودعما لمؤخرته على كرسي الحكم ،رسم الاخوانيون المحتشدون في تقاطع رابعة العدوية الواقع في العاصمة المصرية القاهرة خطا احمر لا يجوز لاحد تخطيه، متوعدين احزاب المعارضة بكافة اطيافها اليسارية والقومية واللبيرالية وحركة تمرد قيادات وكوادر واعضاء ، بالويل والثبور وعظائم الامور، وعواقب لا تحمد عقباها اذا ما استخدوا وسائل "لادستورية " تؤدي الى زحزحة مؤخرة العياط والقذف به بعيدا عن سدة الحكم . فماذا حقق العياط من مكاسب للشرائح المسحوقة والمستغلة من الشعب المصري حتى تنتفخ اوداج الاخونجية وتهتز لحاهم سخطا وغضبا ، مع احمرار ملحوظ لزبيبات الورع المدموغة على جباههم ؟ في سنة اولى حكم هل تمكن العياط من تنفيذ ولو واحد بالمئة من برنامج النهضة الذي تعهد بتطبيقه اثناء حملته الانتخابية وفي اليوم الذي استوت فيه مؤخرته على سدة الحكم ، بل هل تساوي هذه الانجازات ولو الحد الادنى من اهداف ثورة 23 يوليو سنة 1952 التي تم انجازها في السنة الاولى للثورة ؟ عندما نقلب اوراق تلك المرحلة فسوف نقرا فيها ان مجلس قيادة الثورة قد تمكن من تحقيق بعض اهدافها ولعل اهمها اطلاق مشروع استصلاح الاراضي الزراعية تجسيدا للتوجهات الانتاجية للثورة ، والتي تمثلت بعد 5 سنوات من عمر الثورة باستصلاح مساحات شاسعة من الاراضي القاحلة ، وتوزيعها على عشرات الالوف من الفلاحين المعدمين الذي كانوا يعملون في اراضي الاقطاعيين لقاء اجور بالكاد تضمن لهم رغيف الخبز ، وباجراء مفاوضات مع بريطانيا استهدفت من الجانب المصري جلاء 60 الف جندي بريطاني كانوا يرابطون في منطقة القنال ومعسكرات اخرى في المدن المصرية ، وتخللها هجمات مسلحة نفذها فدائيون مصريون كان يقف وراءها قيادة مجلس الثورة بغية الضغط على الجانب البريطاني من اجل الاسراع بجلاء قوات الاستعمار البريطاني التي كان يشكل وجودها على الاراضي المصرية انتهاكا لسيادة مصر واستقلالها ، وعقبة تحد من تطورها الاقتصادي والاجتماعي ، وتكريسا للسيطرة الاجنبية على قناة السويس التي لم يكن ممكنا تاميمها في سنة 56 واستحواذ مصر على عوائدها الضخمة لولا جلاء القوات البريطانية .ولو قيّمنا بالمقابل انجازات ممثل جماعة الاخوان الملتحين في قصر الاتحادية مرسي العياط، فلن نعثر على أي انجاز يستحق الذكر على صعيد المطالب والشعارات التي ثار الشعب المصري في 25 يناير من عام 2011 من اجل تحقيقها . وحتى برنامج النهضة او النهوض بمصر حضاريا الذي تعهد العياط بتطبيقه ، لم يلمس المواطن المصري أي انجاز في مجال النمو الزراعي والصناعي والتعديني والسياحي‘ حيث شهدت المرافق الحيوية في هذه القطاعات تراجعا كبيرا وغير مسبوق في انتاجيتها ، رافقها توسع كبير في فجوة العجز في ميزاني التجارة والمدفوعات ، وتشوهات واختلالات اقتصادية، نشأ بسبب تركيز الجزء الاكبر من الاستثمارات والقروض في مشاريع خدمية غير منتجة ، بدلا من توظيفها في فروع الانتاج المختلفة الاكثر ادرارا للدخل وتوليدا لفرص العمل، كما رافقها ارتفاع ملموس في عدد جيش العاطلين عن العمل ، وتفاقم لظاهرتي الفقر والعنف المجتعي والتي كان من احد اسبابها ايضا الحملة الجهادية التي خاضها الاخوان الملتحون في ليبيا بدعم ومؤازرة اخونجية مصر ضد نظام العقيد معمر القذافي، حيث عاد الى مصر ما يناهز 1.5 مليون عامل مصري كانوا يعملون في ليبيا قبل اندلاع ثورة الربيع الليبي بقيادة الاخونجي مصطفى عبد الجليل ، فتضخم بذلك جيش العاطلين عن العمل وفي نفس الوقت خسر الاقتصاد المصري مئات الملايين من العملات الصعبة ا كان يراكمها العمال العائدون من ليبيا في دورة الدخل الوطني اثناء عملهم في ليبيا . بدلا ان يركز العياط اهتمامه على حل هذه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية باعتماد نهج تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي سواء عبر التخطيط المركزي ، وزيادة استثمارات الدولة في المشاريع الخدمية والانتاجية، او عبر مشاركة ممثلين عن العمال في مجلس ادارة المنشات العامة التابعة للقطاع العام ، وكما كان متبعا في الحقبة الاشتراكية ، فقد استمر العياط في تطبيق النهج الليبرالي أي عدم تدخل الدولة في ادارة دفة الاقتصاد تاركا للراسمالية الطفيلية امثال الملياردير الاخونجي خيرت الشاطر ،التحكم في مساره، مما ادى الى التشوهات والاختلالات في المرافق الاقتصادية التي اشرنا اليها ، والى استفحال الفقر والبطالة : ولقد اعتمد العياط هذا النهج تمشيا مع وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين ، بل انه اتخذ قرارات برفع الدعم عن بعض الخدمات والسلع الرئيسية رغم تاثيراتها السلبية على القوة الشرائية للشرائح الاجتماعية الفقيرة ومتوسطة الدخل، ولم يتراجع عنها الا عندما تحركت الجماهير المسحوقة في شوارع المدن المصرية احتجاجا على هذا القرار وبعد ان صعّدت ضغوطها بتنظيم اضرابات عن العمل . وربما سيرد بعض المدافعين عن العياط بالقول ان كافة هذه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية موروثة عن النظام السابق ولا يتحمل مسئوليتها العياط ، ثم كيف له ان يحد منها ولم يمض عليه في الحكم الا سنة واحدة ؟؟ ولعل افضل رد على هذه التساؤلات: ان العياط قد تبنى نفس النهج الليبرالي الذي تبناه سلفه مبارك وثبت فشله، ولعل الاكثر خطورة من ذلك ان العياط لا يجرؤ على تجاوز هذا النهج تمشيا مع معتقدات الاخوانية الوهابية التي تقدس الملكية الفردية ،، وتعتبر المساس بها عبر تطبيق الاشتراكية تجاوزا لتعاليم الشريعة ، حتى لو كان ملكية المجتمع لمرافق الانتاج والخدمات الاستراتيجية هو الوسيلة الكفيلة بتضييق الفجوة بين الاغنياء والفقراء، وتحفيز الاستثمار والانتاج ، والاستغناء عن المساعدات الخارجية ان لم تكن الشحاذة من حكام مشيخات النفط والغاز وحيث شاهدنا العياط بعد اسبوع من توليه مقاليد السلطة يتوجه الى مشيختى السعودية وقطر من اجل هذا االغرض . ولا تسل عن فشله في تفعيل الدور القيادي الذي كانت تلعبه مصر على الساحتين العربية والدولية في سنوات الستينات من القرن الماضي ، وحيث لم تكن مصر في تلك المرحلة مقيدة باتفاقيات ومعاهدات سياسية واقتصادية مذلة وتحد من حركتها على هاتين الساحتين ، كما هو حالها بعد توقيع مصر على اتفاقية كامب دافيد ، والتزامها بالاتفقيات المتعلقة بالاصلاحات المالية والنقدية التي فرضها الجهات الدولية الدائنة لمصر ، وكيف لللعياط ان يفعّل دور مصر القيادي ، سواء في دعم حركات التحرر ، او في أي نشاط اقتصادي وعلمي وثقافي يجعل من مصر مثلا يحتذي به بعد ان اعتمد الشعار الاخواني "طز في مصر " وبعد ان ترجمه على ارض الواقع بتطبيق برنامج التمكين وهيمنة اصحاب اللحى على كافة مفاصل الدولة ؟؟؟ وهل يجرؤ العياط ان يقدم ولو الحد الادنى من الدعم لحركة التحرر الوطني الفلسطينية التي تكافح فصائلها منذ عقود من اجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين الى ديارهم، وبعبارة ادق هل يجرؤ العياط المس بمصالح ربيبة اميركا وطفلها المدلل اسرائيل ، فما بالك بدعم حركات التحرر الاخرى ، كيف له ان يدعم اية حركة تحرر من الهيمنة الامبريالية وهو الذي لم يصل الى سدة الحكم الا بعد ان تعهد تنظيم الاخوان المسلمين امام الادارة الاميركية وامام حكام المشيخات النفطية باحترام اتفاقية كامب دافيد والالتزام بكافة نصوصها ، اضافة الى خدمة الاجندة الاميركية في المنطقة العربية وفي مقدمتها ارسال المجاهدين الاخوانيين الى الساحة السورية كي يقاتلوا ضمن اطار الثورة العرعورية الوهابية التي يسميها حاكم مشيخة السعودية "ثورة الشعب السوري ضد النظام الاسدي الاستبدادي" رغم انها تورة لا يشارك فيها الا الزعران والمهربين والمرتزقة والخونة والمتعصبين طائفيا ، فنالوا بذلك بركات اميركا وتدفقت عليهم الاموال من مشيحات النفط والغاز دعما لتظيمهم وتغطية لنفقات حملتهم الانتخابية . ويا ليت مصيبة الشعب المصري تمثلت بالبرنامج النيوليبرالي الذي تبناه العياط وصولا لنهضة مزعومة لم يلمس من عوائدها الشعب المصري الا الغلاء الفاحش والفقر وانقطاع الكهرباء ،وازمات في االمحروقات ‘ والوقوف لساعات طويلة في طوابير ، ويا ليت المصيبة تمثلت بالمس في كرامة الشعب المصري حين راح يخاطب الشعب المصري بعبارة " يا اهلى وابناء عشيرتي " وكأن التسعين مليون مصري لم يعودوا موطنين ينتمون الى مصر، بل هم ذريته!! او حين خاطب العياط افراد القوات المسلحة ومن بينهم الطنطاوي الاكبر منه سنّا بعبارة " يا ابنائي " ، وهي سابقة لم ترد لا على لسان البكباشي محمد نجيب ولا على لسان الرؤساء عبدالناصر والسادات وحسني مبارك ، حيث كانوا يستهلون خطاباتهم للشعب بعبارة ايها الاخوة الموطنين ، وافراد القوات المسلحة بعبارة " ايها الجنود والضباط" اي بالالقاب التي تليق بهم لا بالمسميات والالقاب المتداولة في المجتمعات القبلية، وحيث يكون شيخ القبيلة ابا لجميع افراد القبيلة!! ليت مصيبة الشعب المصري تمثلت بكل هذه الاهانات ، بل ان مرسي العياط المتعطّش للسلطة، ولو باي ثمن قد تمادى في اهانته لهذا الشعب العظيم حين وجه الى رئيس الدولة العبرية شمعون بيريز مهنئا بعيد استقلال الدولة العبرية ، ومخاطبا مجرم الحرب بيرز" بصديقي العزيز" ، وكأنه قد نسي ان الجهاد في فلسطين والقضاء على دولة احفاد القردة والخنازير كانت احدى الشعارات التي رفعها الاخونجية في حملتهم الانتخابية بغية كسب اصوات الناخبين المصريين المخدوعين بخطاباتهم الديماغوجية لصالح مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية مرسي العياط، كما نسي ايضا ان كافة حملاتهم على حسني مبارك كانت تغذيها علاقة الاخير الحميمة بالكيان الصهيوني الغاصب ؟ وهل نسي العياط الذي تمسح بالقضية الفلسطينية استقطابا للجماهير وكسبا لاصواتهم ان عيد الاستقلال الاسرائيلي الذي لم يخجل بالتهنئة به ، ما كان ممكنا للشعب الاسرائيلي ان يهنا به ويحتفل به يحتفل به لو بقيت فلسطين وطنا للفلسطينيين ولم لم تقم عصابات الهاجاناه والارغون والبلماخ وشتيرن وغيرها من العصابات الصهيونية بطرد الفلسطينيي خارج وطنهم بقوة السلاح ؟؟ مرسي العياط كأي دجال انكر في بادىء الامر انه ارسل البرقية مهنئا ، وحين كشف الجانب الاسرائيلي فحوى الرسالة عبر وسائل الاعلام، لم يلتزم العياط الصمت بل ظل يكذب زاعما ان عبارة" صديقي بيريز" هي عبارة بروتوكولية ومتداولة في اللغة الدبلوماسية !!. منذ ثلاثة ايام تشهد الشوارع والميادين في كافة المحافظات المصرية مظاهرات مليونية تطالب برحيل مرسي العياط، وباجراء انتخابات رئاسية ، ولكن العياط رغم الطوفان الجماهيرى المطالب بتنحيتة، يرفض الاستجابة لمطالب اغلبية الشعب المصري كما تزداد مؤخرته التصاقا بكرسي الحكم مثلما تزداد اهتزازات سكسوكته سخطا وغضبا كلما تناهى الى مسامعه الهدير الجماهيري، متوهما ان بقاءه في سدة الحكم هو الضمانة الوحيدة لامن ورخاء الشعب المصري ،وعدم افلاس الدولة المصرية وانجرار مصر الى الفوضى والعنف. في مواجهة الضغط الجماهيري يضيق هامش المناورة امام العياط ، وفي الساعات القليلة القادمة اما نراه مرميا على مزابل التاريخ او قابعا خلف قضبان السجون او لاجئا سياسيا في احدى مشيخات النفط والغاز التي تكفلت بصعوده الى سدة الحكم ومن هناك ربما ستكون الطرق سالكة باتجاه اسرائيل و سيكون سهلا على العياط زيارة صديقه العزيز بيريز وتهنئته بعيد استقلال اسرائيل


ليست هناك تعليقات: